فصل: الشحنة ببغداد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وزارة الخليفة.

وفي سنة أربع وثلاثين وقع بين المقتفي ووزيره علي بن طراد الزينبي وحشة بما كان يعترض على المقتفي في أمره فخاف واستجار بالسلطان مسعود فأجاره وشفع المقتفي في إعادته فامتنع وأسقط اسمه من الكتب واستناب المقتفي ابن عمه قاضي القضاة والزينبي ثم عزله واستناب شديد الدولة الأنباري ثم وصل السلطان إلى بغداد سنة ست وثلاثين فوجد الوزير شرف الدين الزينبي في داره فبعث وزيره إلى المقتفي شفيعا في إطلاق سبيله إلى بيته فأذن له انتهى.

.الشحنة ببغداد.

وفي سنة ست وثلاثين عزل مجاهد الدين بهروز شحنة بغداد وولى كزل أمير آخر من مماليك السلطان محمود فكان على البصرة فأضيف إليه شحنكية بغداد ولما وصل السلطان مسعود إلى بغداد ورأى تبسط العيارين وفسادهم أعاد بهروز شحنة ولم ينتفع الناس بذلك لأن العيارين كانوا يتمسكون بالجاه من أهل الدول فلا يقدر بهروز على منعهم وكان ابن الوزير وابن قاروت صهر السلطان يقاسمانهم فيما يأخوذن من النهب واتفق سنة ثمان وثمانين أن السلطان أرسل نائب الشحنكية ووبخه على فساد العيارين فأخبره بشأن صهره وابن وزيره فأقسم ليصلبنه إن لم يصلبهما فأخذ خاتمه على ذلك وقبض على صهره ابن قاروت فصلبه وهرب ابن الوزير وقبض على أكثر العيارين وافترقوا وكفى الناس شرهم.

.انتفاض الأعياص واستبداد الأمراء على الأمير مسعود وقتله إياهم.

وفي سنة أربعين سار بوزابة صاحب فارس وخوزستان وعساكره إلى قاشان ومعه الملك محمد ابن السلطان محمود واتصل بهم الملك سليمان شاه ابن السلطان محمد ولقي بوزابة الأمير عباس صاحب الري وتآمرا في الانتفاض على السلطان مسعود وملكا كثيرا من بلاده فسار السلطان مسعود عن بغداد ونزل بها الأمير مهلهل والخادم مطر وجماعة من غلمان بهروز وسار معه الأمير عبد الرحمن طغرلبك وكان حاجبه ومتحكما في دولته وكان هواه مع ذينك الملكين فسار السلطان وعبد الرحمن حتى تقارب العسكران فلقي سليمان شاه أخاه مسعودا فحنق عليه وجرى عبد الرحمن في الصلح بين الفريقين وأضيفت وظيفة أذربيجان وأرمينية إلى ما بيده وسار أبو الفتح ابن هزارشب وزير السلطان مسعود ومعه وزير بوزابة فاستبدوا على السلطان وحجروه عن التصرف فيما يريده وكان بك أرسلان بن بلنكري المعروف بخاص بك خالصة صاحب خلخال وبعض أذربيجان فلما عظم تحكمه أسر السلطان إلى خاص بك بقتل عبد الرحمن فدس ذلك إلى جماعة من الأمراء وقتلوه في موكبه ضربه بعضهم بمقرعة فسقط إلى الأرض ميتا وبلغ إلى السلطان مسعود ببغداد ومعه عباس صاحب الري في عسكر أكثر من عسكره فامتعض لذلك فتلطف له السلطان واستدعاه إلى داره فلما انفرد عن غلمانه أمر به فقتل وكان عباس من غلمان السلطان محمود وولي الري وجاهد الباطنية وحسنت آثاره فيهم وكان مقتله في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين ثم حبس السلطان مسعود أخاه سليمان شاه بقلعة تكريت وبلغ مقتل عباس إلى بوزابة فجمع عساكره من فارس وخوزستان: وسار إلى أصبهان فحاصرها ثم سار إلى السلطان مسعود والتقيا بمرج قراتكين فقتل بوزابة قيل بسهم أصابه وقيل أخذ أسيرا وقتل صبرا وانهزمت عساكره إلى همذان وخراسان.

.انتقاض الأمراء ثانية على السلطان.

ولما قتل السلطان من قتل من أمرائه استخلص الأمير خاص بك وأنفذ كلمته في الدولة ورفع منزلته فحسده كثير من الأمراء وخافوا غائلته وساروا نحو العراق وهم: إيلدكر المسعودي صاحب كنجة وأرانية وقيصر والبقش كون صاحب أعمال الجبل وقتل الحاجب وطرنطاي المحمودي شحنة واسط وابن طغابرك ولما بلغوا حلوان خاف الناس بأعمال العراق وعني المقتفي بإصلاح السور وبعث إليهم بالنهي عن القدوم فلم ينتهوا ووصلوا في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين والملك محمد ابن السلطان محمود معهم ونزلوا بالجانب الشرقي وفارق مسعود جلال الشحنة ببغداد إلى تكريت ووصل إليهم علي بن دبيس صاحب الحلة ونزل بالجانب الغربي وجند المقتفي أجنادا وقتلوهم مع العامة فكانوا يستطردون للعامة والجند حتى يبعدوا ثم يكرون عليهم فيثخنوا فيهم ثم كثر عيثهم ونهبهم ثم اجتمعوا مقابل التاج وقبلوا الأرض واعتذروا وترددت الرسل ورحلوا إلى النهروان وعاد مسعود جلال الشحنة من تكريت إلى بغداد وافترق هؤلاء الأمراء وفارقوا العراق والسلطان مع ذلك مقيم ببلد الجبل وأرسل عمه سنجر إلى الري سنة أربع وأربعين فبادر إليه مسعود وترضاه فأعتبه وقبل عذره ثم جاءت سنة أربع وأربعين جماعة أخرى من الأمراء وهم البقش كون والطرنطاي وابن دبيس وملك شاه ابن السلطان محمود فراسلوا المقتفي في الخطبة لملك شاه فلم يجبهم وجمع العساكر وحصن بغداد وكاتب السلطان مسعودا بالوصول إلى بغداد فشغله عمه سنجر إلى الري ولما علم البقش مراسلة المقتفي إلى مسعود نهب النهروان وقبض على علي بن دبيس وهرب الطرنطاي إلى النعمانية ووصل السلطان مسعود إلى بغداد منتصف شوال ورحل البقش كون من النهروان وأطلق ابن دبيس.